تعريف الوحي
الوحي في الاصطلاح يُعرف بأنه إبلاغ الله تعالى لمن اصطفاه من عباده بما يشاء من علم وهداية بطرق سرية غير عادية للبشر. أما في اللغة، فإن لفظ "الوحي" يحمل معاني متعددة تشمل الإشارة السريعة والإلهام. ومن هذه المعاني:
1. الإلهام الفطري للإنسان: كالوحي الذي أعطاه الله لأم موسى عليه السلام، حين أوصى إليها أن ترضعه وتلقيه في اليم، كما في قوله تعالى: «وَأَوْحَيْنَا إِلَىٰ أُمِّ مُوسَىٰ أَنْ أَرْضِعِيهِ».
2. الإلهام الغريزي: مثل الإلهام الذي أعطي للنحل، كما ورد في قوله تعالى: «وَأَوْحَىٰ رَبُّكَ إِلَى النَّحْلِ أَنِ اتَّخِذِي مِنَ الْجِبَالِ بُيُوتًا وَمِنَ الشَّجَرِ وَمِمَّا يَعْرِشُونَ».
3. الإشارة السريعة والإيحاء بالرمز: كإيحاء زكريا عليه السلام لقومه بأن يقوموا بالتسبيح، كما قال تعالى: «فَأَوْحَىٰ إِلَيْهِمْ أَن سَبِّحُوا بُكْرَةً وَعَشِيًّا».
4. وسوسة الشياطين وتزيين الشر: الشيطان يوحي لأوليائه الشر والمكائد، كما في قوله تعالى: «وَإِنَّ الشَّيَاطِينَ لَيُوحُونَ إِلَىٰ أَوْلِيَائِهِمْ لِيُجَادِلُوكُمْ».
5. وحي الله لملائكته: يُلقي بأمر لهم ليقوموا به، كما في قوله تعالى: «إِذْ يُوحِي رَبُّكَ إِلَى الْمَلَائِكَةِ أَنِّي مَعَكُمْ فَثَبِّتُوا الَّذِينَ آمَنُوا».
أما الوحي الخاص بالأنبياء، فهو كلام الله المنزل على نبي من أنبيائه بهدف التشريع والهداية. يُعرّف شرعاً بأنه عرفان يجده النبي في نفسه مع يقينه بأنه من الله مباشرة أو بواسطة، وقد يحدث ذلك بصوت مسموع أو دون صوت ملموس.
ما هي أنواع الوحي وطرقه
للوحي أنواع وطرق متعددة، منها:
- المكالمة المباشرة بين الله ورسوله بدون وسيط، كما حدث مع موسى عليه السلام (وَكَلَّمَ اللَّهُ مُوسَىٰ تَكْلِيمًا).
- الإلهام المباشر، حيث يضع الله شعورًا ضروريًا في قلب النبي لا مجال للشك فيه.
- الرؤيا الصادقة، التي تتحقق بجلاء، وهي صورة من صور الوحي.
- إرسال جبريل عليه السلام كوسيط، وهو أشهر وأغلب أنواع الوحي، حيث ينزل القرآن الكريم بهذه الطريقة. يُسمى هذا النوع "الوحي الجلي"، كما ورد في قوله تعالى: «نَزَلَ بِهِ الرُّوحُ الْأَمِينُ ، عَلَىٰ قَلْبِكَ لِتَكُونَ مِنَ الْمُنذِرِينَ ، بِلِسَانٍ عَرَبِيٍّ مُّبِينٍ».
ما هي الصور التي كان يأتي بها جبريل عليه السلام بالوحي
كان جبريل عليه السلام يظهر للنبي محمد ﷺ بطرق مختلفة أثناء نزول الوحي، ومنها:
- ظهوره بصورته الحقيقية الملكية، وهو مشهد نادر حدث للنبي ﷺ في بعض المناسبات كحادثة الإسراء والمعراج.
- ظهوره على هيئة إنسان يمكن أن يُرى ويُسمع كلامه من قبل المحيطين بالنبي ﷺ.
- نزوله بشكل غير مرئي بحيث لا يراه أحد، لكن آثار الوحي تظهر على النبي ﷺ، كالثقل الشديد والشعور بالإرهاق والتعرق حتى في أيام البرد الشديد.
- أحيانًا، كان الوحي يأتي مثل صوت الجرس (صلصلة الجرس)، وهو أشد أنواع الوحي على النبي ﷺ حيث تطلب تركيزًا عميقًا لاستيعاب الرسالة بوضوح.
عندما ينتهي الوحي، يجد الرسول ﷺ الرسالة محفوظة في ذاكرته وكأنها كتبت نقوشًا في قلبه. وقد طمأنه الله بقوله تعالى:« لَا تُحَرِّكْ بِهِ لِسَانَكَ لِتَعْجَلَ بِهِ ، إِنَّ عَلَيْنَا جَمْعَهُ وَقُرْآنَهُ فَإِذَا قَرَأْنَاهُ فَاتَّبِعْ قُرْآنَهُ ، ثُمَّ إِنَّ عَلَيْنَا بَيَانَهُ» .
وقد جاء في الحديث الشريف الذي رواه البخاري في صحيحه عن عائشة أم المؤمنين رضي الله تعالى عنها قالت: إن الحارث بن هشام سأل رسول الله ﷺ فقال : يا رسول الله كيف يأتيك الوحي ؟ ) فقال رسول الله ﷺ : «أحياناً يأتيني مثل صلصلة الجرس ، وهو أشده علي فيفصم عني وقد وعيت عنه ما قال وأحياناً يتمثل في الملك رجلا فيكلمني فأعي ما يقول». قالت عائشة : (ولقد رأيته ينزل عليه الوحي في اليوم الشديد البرد فيفصم عنه وإن جبينه ليتفصد عرقاً) .